ريادية الشباب.. الحلم يبدأ من فكرة / عبد الكريم الوحش

لا حدود للريادة.. هذا عنوان لطالما سمعناه.. لكن عندما يتجسد بأفكار شباب أردنيين.. تكون للقصة معنى آخر وأثر بليغ.

المقداد الكريميين، العشريني، من أبناء الطفيلة، ذات مرة زار قلعة الشوبك، وإذ بالفكرة تلمع في باله عندما وقف امام كهوف سبعة، و«تخيل نفسه نائما فيها»، فلماذا لا تتحول هذه الكهوف السبعة لنزل لسياح المنطقة، حيث يكثر زوارها.

كانت فكرة ريادية، لمشروع من المتوقع أن يستقبل أول فوج لها بعد شهر من الان.

الكريميين، بدأ بتمويل ذاتي، بل انه سعى وراء حلمه، فأجل تخرجه، مفضلا أن تكون مخصصاته من أموال يتلقاها من والده لاتمام ولادة هذا الحلم، وهو الان بانتظار تخرجه الذي بقي له فصل من تخصص الهندسة الميكانيكية فرع تكنولوجيا مركبات هجينة.

قصة الكريميين، جسدت ريادية 15 شابا وشابة أردنيين التقاهم جلالة الملك عبدالله الثاني أمس في قصر الحسينية، حيث مثل اللقاء بأجوائه الايجابية دافعا وحافزا لهم جميعا وزاد من عظم المسؤولية الملقاة على كواهلم لتحقيق المزيد والانتقال للمراحل المتقدمة في مشاريعهم التي نجحت وتوفر فرص عمل للمجتمع المحلي.

الكريميين الان فخور بما أنجز، وهو الذي بصدد تشغيل نحو (5-10) أشخاص من أدلاء سياحيين، وفريق إنزال جبلي مرخص، وعمال بالخدمة في النزل.

استطاع هذا الشاب الطموح من إعادة تدوير طنين من الخشب، لعمل أسرة وديكور جميل للنزل المكون من الكهوف ذات الاحجام المختلفة فمنها ما تحول لمكان للنوم، وكوفي شوب، وصالات طعام.

لا يقف طموح الكريميين رغم ضعف حاله المادي، من التطلع نحو تحقيق هدف جديد يتمثل في تأسيس مشروع سياحي للمغامرات في ضانا يشتمل على مخيم وأكواخ خشبية ومنصة للمناطيد والقفز الشراعي والإنزال الجبلي بالمنطقة، موضحا أنه سجل في البرنامج الوطني للتشغيل الذاتي «انهض» لتنفيذ المشروع.

حماسه زاد عقب لقائه جلالة الملك، «فالدافع لديه صار أكبر، وظرفنا تحتم علينا كشباب أن نخلق الفرص»، يقول الكريميين يرسم ملامح نزله الجديد.

وساد اللقاء الملكي مع الشباب تأكيد على أهمية دور الرياديين وأفكارهم في الحد من الفقر والبطالة، وإمكانية الاستفادة منها وتطبيقها في جميع مناطق المملكة، في حين أكدوا أن التفكير الإيجابي دفعهم نحو البدء بتأسيس مشاريع ريادية خاصة بهم، وعدم انتظار الحصول على الوظيفة.

وتمحورت المشاريع الريادية في مجالات عديدة كتأسيس شركات للسياحة والسفر أو شركات في انتاج المحتوى الرقمي، أو مطعم متخصص في تصنيع مكونات الوجبات بأكملها فيه، أو مشاريع في إعادة تدوير وتصنيع المواد الحرفية الأصيلة والقديمة مثل خشب الزيتون.

وفي هذا الصدد، تقول مؤسسة مركز حمية غذائية في منطقة دير علا، إيمان أبو صيام، إن مشروعها كان حلما وهي على مقاعد الدراسة تدرس تخصص تغذية وصناعات غذائية في جامعة مؤتة.

وعقب عام من تخرجها وبتمويل من من صندوق التنمية والتشغيل تمكنت من تأسيس المركز المتخصص بمشاكل السمنة واتباع العادات الصحية في التغذية والذي كانت تخشى ان تمثل الثقافة السائدة عقبة امامه، لكن لواقع كان غير ذلك، فزاد الاقبال عليه ونجحت من تحقيق حلم الكثيرين في تنزيل الوزن.

تقدم أبوصيام، حمية لزائري المركز من سكان المنطقة بكلف قليلة، ونتائج مضمونة، وتنفذ من وقت لآخر أيام مجانية وتوعوية لسكان المنطقة في المدارس والمستشفيات.

يقوم المشروع على معالجة المراجعين الذين يعانون من مشاكل في السمنة أو العادات الغذائية وتنظيم المحاضرات المتخصصة، وبث الرسائل التوعوية عبر صفحة المركز على الفيس بوك، لافتة إلى أنها تطمح للتوسع في المشروع من خلال تأسيس مركز للياقة البدنية.

هي الان، تفكر في التوسع بالمشروع، وتأمين جهاز لتكسير الدهون، وتعتقد أن اللقاء الملكي مثل لها دافعا أن لا تقف عند حدود المركز، أو تستسلم للتحديات.

اما شادي تيلخ، مؤسس الشركة المثالية للأبنية الخضر شادي تيلخ، من محافظة الزرقاء، وشركته متخصصة بصناعة الألواح الأسمنتية المعزولة والتي تستخدم لجميع الأبنية كألواح صديقة للبيئة وموفرة للطاقة، فلا يخفي أن دافعه كان «بيئته التي يعيش فيها حيث الفقر»، ما يمثل سببا له ولغيره في ضرورة تغيير هذا الواقع وخلق فرصة العمل له ولأنباء مجتمعه.

فنجح وأسس هذه الشركة والتي توفر 20 فرصة عمل، وهي الوحيدة التي تقدم هذا المنتج كشركة محلية وطنية.

قصة شادي تيلخ لم تتحقق بين ليلة وضحاها، فقد عمل على اكتساب الخبرات، حيث عمل في شركة أجنبية استرالية وفرت له الخبرة، وايضا تدرب في معهد متخصص في الصناعات الكيماوية تابع للحكومة في المحطة.

هو الان وشركاؤه أصحاب شركة تتطلع للتوسع في المنتج ذي الجودة العالية وبأسعار مناسبة للمجتمع المحلي، والانتقال نحو توفير «المنتج الشعبي» الذي يخدم المنازل في العزل.

هؤلاء، الشباب من بين 15 قصة نجاح التقاها جلالة الملك، تمثل حافزا ودافعا لقطاع واسع من الشباب في كيفية اجتراح الحلول وتجاوز تحديات التشغيل والبطالة.